الرأيرياضةوطنية

في الخلاف بين جامعة كرة القدم والوزارة: الاستقواء بــ ” الفيفا ” خطر سيادي

*بقلم: الحبيب السماوي، مختص في الشأن الرياضي
أثارت المراسلة الواردة من الجامعة الدولية لكرة القدم المعروفة بالفيفا إلى الجامعة التونسية لكرة القدم وتساؤلها حول تدخل الدولة التونسية في الجامعة ردود فعل عنيفة لدى الرأي العام الرياضي لما تتضمنه من تهديد بشطب تونس والفرق التونسية من كأس العالم ومن كل المسابقات. وبقطع النظر على طبيعة العلاقة بين وزارة الشباب والرياضة والجامعة التونسية لكرة فإن المسألة تتجاوز الإشكاليات الإدارية والرياضية إلى ما هو أخطر.
فقد دأبت الجامعة التونسية لكرة القدم منذ مدة وكلما تتوتر علاقتها مع الوزارة، وهي متوترة في أغلب الأحيان، على التهديد باللجوء إلى “الفيفا” معتمدة على ما تنص عليه اللوائح الدولية من أن الجامعات المحلية لكرة القدم “مستقلة” كليا عن الدولة ولا تقبل التدخل في شؤونها بتعلة فصل الرياضة عن السياسة. وهكذا تحولت الجامعة إلى دولة مستقلة لا يجوز لأحد التدخل فيها وويل لمن يحاول أو يتجرأ الاقتراب منها. وقد احتدت العلاقة خاصة بمناسبة الاستماع إلى وزير الشباب والرياضة كشاهد في القضية المرفوعة إلى هيئة التحكيم الرياضي الدولية (المعروفة بالتاس) من قبل فريق هلال الشابة الذي احتج على قرار إنزاله بقرار من الجامعة إلى الرابطة المحترفة الثانية دون انتظار صدور الحكم النهائي بإنصافه وترسيمه بالرابطة المحترفة الأولى، هذا دون الغوص في خلافات أخرى سابقة مثل تجميد الجامعة لنشاط هذا الفريق وكل شباب الشابة طيلة سنة كاملة.
إن استقواء الجامعة بالفيفا لا يمت بصلة إلى الدفاع عن مصالح الفرق الرياضية وعن رياضة كرة القدم بل هو محاولة للمس من سيادتنا الوطنية قبل أسابيع من انطلاق مسابقة كأس العالم لكرة القدم بقطر وفي ظروف استثنائية حاسمة تتميز بالإعداد لتنقيح قانون الهياكل الرياضية بما يمنع إحالة القضايا الرياضية والبت فيها خارج حدود الوطن مع ما تتحمله الجمعيات من تكاليف باهضة وما تتكبده بلادنا من تحويل للعملة الصعبة. فقد ولّى وانتهى عهد التهديد بالفيفا فتونس دولة مستقلة ذات سيادة لم تخش التهديدات الأجنبية في مجالات أخرى صادرة عن دول فكيف تخشى قرارات منظمة رياضية دولية ثبت أنها تمارس النفاق في علاقة الرياضة بالسياسة من ذلك أنها اصطفت مؤخرا مع المعسكر الغربي في الحرب الروسية الأوكرانية وعاقبت الفرق الروسية وأقصتها من كل المسابقات وهي ترفض دائما رفع الأعلام الفلسطينية في الملاعب الرياضية.
لقد كان موقف السيد كمال دڨيش وزير الشباب والرياضة واضحا وحاسما في هذا المجال حيث صرح يوم 28 أكتوبر 2022 لجريدة “الشروق حول تدخل الفيفا في الشأن الرياضي التونسي أن “التهديدات المتحدث عنها مجرد زوبعة في فنجان” و” إذا كانت الجامعة تحتمي بمظلة الفيفا فهي أيضاً تتبع وزارة الشباب والرياضة ومن حقنا مراقبتها” متسائلا عن سبب الضجة التي اصطنعتها جامعة كرة القدم بسبب اعتزام الوزارة القيام بتدقيق وتفقد في حين أن الوزارة قامت بنفس المهمة في 15 جامعة من بين 51. وكشف أن الجهات المعرقلة لعمل الوزارة تخدم أجندات معلومة مستغربا تغيب رئيس الجامعة المطول عن البلاد خاصة أنه لا توجد دوافع منطقية لتبرير اختفاء المسؤول الأول لهيكل رياضي بمثل هذه القيمة كل هذه المدة.
إن العلاقة بين الجامعات الرياضية والوزارة وطيدة وواضحة باعتبار الأنشطة الرياضية مرفقا عموميا واعتمادا على القانون الأساسي المتعلق بالهياكل الرياضية لسنة 1995 حيث أنّ الدولة تدعم النشاط الرياضي ومختلف الرياضات بتشييد المنشآت الرياضية وصيانتها وتجهيزها ووضعها على ذمة الجامعات والجمعيات الرياضية وتقدم الدعم المالي لها وتوفر كل المستلزمات للمنتخبات الوطنية علما أن هذه الاعتمادات تُرسّم بصفة سنوية بميزانية وزارة الشباب والرياضة. وعلى هذا الأساس يحق للوزارة متابعة الهياكل الرياضية والإشراف على سير الانتخابات بها ومراقبة أساليب تصرفها الإداري والمالي. وقد قامت الوزارة طبقا لما يمليه عليها القانون بحل بعض الجامعات لوجود إخلالات وبرفع ملفات للقضاء وفق تقارير الأجهزة الرقابية للدولة حسب تصريح المستشار القانوني للوزارة في قناة تلفزية بتاريخ 27 أكتوبر الماضي.
إن تنطع الجامعة التونسية لكرة القدم ضد سلطة الدولة واستقوائها بالجامعة الدولية لكرة القدم مرفوض بتاتا ويعتبر مسّا من السيادة الوطنية مما يستوجب على وزارة الشباب والرياضة ممارسة صلاحياتها دون تردد وعلى المسؤولين الجامعيين التحلي بروح المسؤولية الوطنية ووضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار حتى تساهم الرياضة في تنمية حب الانتماء للوطن لدى شبابنا وحتى تعزز نخبنا رفع الراية الوطنية عاليا في التظاهرات الدولية سيرا على درب الأبطال وفي مقدمتهم العداء محمد القمودي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى