وطنية

وزارة المالية تضغط على أعونها : من اجل تحصيل الموارد الجبائية لتغطية نفقات الدولة..

بقلم: اسكندر سلامي

تتميز فترة اخر السنة بحركية كبيرة على مستوى مصالح مراقبة الأداءات ومصالح المحاسبة العمومية من امانات المال الجهوية إلى قباض المالية. وتأتي هذه الحركية نتيجة ضغط الإدارات العامة التابعة لوزارة المالية ومن ورائها وزارة المالية من أجل تحصيل الموارد الجبائية اللازمة لتغطية نفقات الدولة وتحقيق الأهداف المرسومة ضمن ميزانية الدولة قبل انتهاء السنة. وبهذه المناسبة يرتفع نشاط قباض المالية من أجل استخلاص أكبر قدر ممكن من المبالغ المثقلة استجابة للضغط المسلط عليهم فيضغطون بدورهم على المطالبين بالأداءات من أجل استخلاص أكبر قدر من المبالغ. وتنشط مكاتب مراقبة الأداءات والمراكز الجهوية لمراقبة الأداءات وإدارة المؤسسات المتوسطة وإدارة المؤسسات الكبرى وغيرها من الإدارات المكلفة بالمراقبة الجبائية من خلال عمليات المراجعة الجبائية ومتابعة التنابيه وإصدار قرارات التوظيف الاجباري مع سعي متواصل من أجل الوصول إلى اتفاق مع المطالبين بالأداء. وتسعى مصالح مراقبىة الأداءات إلى غلق الملفات من خلال إبرام صلح يتم تجسيمه بإمضاء اعتراف بدين جبائي ودفع جزء من المبالغ موضوع الصلح في شكل تسبقة. وتتم مناقشة قيمة التسبقة بين المصالح المعنية بملف المراقبة والمطالب بالأداء في إطار ما تسمح به مذكرات العمل.
صعوبات خلفها الترفيع في خطايا التأخير
يلاقي أعوان مراقبة الأداءات صعوبة في إقناع العديد من المطالبين بالأداء بإبرام صلح حول نتائج المراجعات الجبائية منذ أن دخلت الأحكام الجديدة الواردة بقانون المالية لسنة 2023 المتعلقة بالترفيع في نسب ومبالغ خطايا التأخير وخطايا المراقبة حيز التنفيذ. ذلك أن الارتفاع الكبير لمبالغ خطايا المراقبة يجعل من عديد المؤسسات والأشخاص غير راغبين في إبرام صلح مع مصالح مراقبة الأداءات ذلك أن المبالغ المطلوبة أصبحت تفوق إمكانياتهم المادية مما يجعلهم غير قادرين على الوفاء بالالتزامات المالية الثقيلة التي تنتج عن إبرام صلح مع مصالح مراقبة الأداءات وما يتبعه من رزنامة وأقساط لخلاص المبالغ المترتبة عن الصلح. ويفيد عديد الأعوان أن هذا الترفيع صعَب مهمة مصالح مراقبة الأداءات وانعكس سلبا على قدرتهم على محاورة المطالبين بالأداء وإقناعهم بإبرام صلح مع الإدارة والذي انعكس بدوره على مردودية أعمال المراقبة الجبائية. ويبين أحد أصحاب المؤسسات أن الذين تخلفوا عن إيداع تصاريحهم الجبائية غالبيتهم يعانون من إشكاليات مادية نتيجة تردي الوضع الاقتصادي لمؤسساتهم وتفاقم الصعوبات المالية. ويفيد ذات المصدر أن من بين المؤسسات التي تخلفت عن إيداع تصاريحها من يعاني من صعوبة حصوله على مستحقاته المتأتية من صفقات أبرمها مع الدولة بالإضافة إلى عجز حرفائهم عن الوفاء بالتزاماتهم وإفلاس عدد منهم نتيجة تردي الأوضاع المالية لمؤسساتهم وصعوبة النفاذ إلى التمويلات البنكية.
نقص الإمكانيات وضعف الموارد البشرية
يشتكي عديد المسؤولين في إدارات المراقبة الجبائية من تقلص عدد الأعوان سواء نتيجة بلوغ عدد منهم سن التقاعد أو نتيجة الاستقالات العديدة التي عرفتها الإدارة خلال السنوات الأخيرة. وأمام هذا النقص المتواصل لم تقم وزارة المالية بتعويضهم مما زاد في صعوبة العمل وضعف مردودية العمل الميداني. بالإضافة إلى ذلك تعاني بعض مكاتب مراقبة الأداءات من عدم توفر عدد مناسب للمراقبين ذلك أن أعداد الأعوان المباشرين لا يتماشى مع المساحة الشاسعة لمرجع نظرها مع ارتفاع عدد الناشطين والمنتصبين بمرجع نظر مكاتب مراقبة الأداءات. ويفيد عدد من الموظفين أن من بين الأعوان الموجودين والمتقدمين في السن من لم تعد صحته تسمح له بالقيام بالعمل الميداني لما فيه من مشقة ولما يتطلبه من مجهود بدني. وتجدر الإشارة إلى أن عمليات الحراك الوظيفي المتمثلة في سد حاجيات وزارة المالية بنقل موظفين من وزارات أخرى لم تكن بالنجاعة المطلوبة نظرا لعدم تلقي الوافدين الجدد على مصالح وزارة المالية تكوينا يمكنهم من المساهمة الفعلية في إنجاز العمل المطلوب.
الإمكانيات اللوجستية
بالإضافة إلى الإشكاليات المتعلقة بالموارد البشرية تعاني مكاتب مراقبة الأداءات من نقص وسائل النقل وقلة الإمكانيات اللوجستية. بالإضافة إلى أن إسناد المراكز الجهوية لمكاتب مراقبة الأداءات بالمعلومات اللازمة لإنجاز مهامهم لا تتم بالجودة المطلوبة. ذلك أن عديد المعطيات التي توجه إلى مكاتب مراقبة الأداءات تتطلب جهدا إضافيا لتنقيتها واستخراج المعلومات والمعطيات اللازمة لإنجاز المهام المطلوبة. وتكشف الوضعية الحالية غياب منظومات معلوماتية متطورة وسيطرة الإجراءات الورقية والأعمال اليدوية مما يزيد من صعوبة العمل ومن تردي ظروف إنجازه.
وتنعكس هذه الظروف على مناخ العمل داخل الإدارات حيث يسود الإحساس بعدم تفهم الإدارة المركزية والوزارة للظروف الصعبة للعمل من خلال مواصلتها الضغط على الاعوان من أجل تحقيق الأهداف المالية دون توفير مستلزمات العمل المادية والبشرية.
وتجدر الإشارة إلى أن مكاتب مراقبة الأداءات والمراكز الجهوية للأداءات تضطلع بمهام غير متجانسة تزيد من عبئها. ذلك أنها تضطلع بمهام تتعلق بالمراقبة الجبائية من جهة وتتكفل بإسداء الخدمات على غرار اسناد الشهادات وغلق الملفات الجبائية وقبول عدد من التصاريح وفتح المعرفات الجبائية وإجراء المعاينات الميدانية وإعداد الاحصائيات. ويؤدي الضغط المسلط على مصالح مراقبة الأداءات إلى تعطيل الجانب الخدماتي من خلال توجيه جميع الإمكانيات البشرية لتدارك النقص الحاصل في عدد أعوان المراقبة. وهو ما يؤدي إلى توتر العلاقة مع المواطنين الذين يشتكون من تعل مصالحهم نتيجة تعطل حصولهم على الخدمات اللازمة لقضاء شؤونهم أو مواصلة نشاطهم.
وليست القباضات المالية بأحسن حال خاصة مع إغراق قباض المالية بمهام المخاطب الوحيد والتي زادت من أعبائه. ومنذ أن توسعت مهمه أصبح قابض المالية مطالبا بإسداء خدمات إضافية تتمثل في فتح معرفات جبائية أضيفت إلى عمله الأصلي. هذا وتجدر الإشارة إلى أن مصالح الاستخلاص من قباضات مالية وأمانات مال جهوية تعيش نفس الإشكاليات التي تعيشها مصالح مراقبة الأداءات وخاصة فيما يتعلق بالموارد البشرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى