الرأي

طول زمن التّقاضي في النّزاعات الجبائيّة والنّفاذ إلى العدالة

*بقلم: الاستاذ اسكندر السلامي

يمثل طول اجال التقاضي أحد المعضلات التي يعاني منها المواطن التونسي والمؤسسات الاقتصادية لما يترتب عنها من تعطيل لمصالحهم وإطالة زمن توصلهم بحقوقهم وتخليصهم من المظالم المسلطة عليهم.
ويفيد عديد المحامين والمتقاضين في المسائل الجبائية بأنهم يعانون من طول زمن الفصل في القضايا المرفوعة اعتراضا على قرارات التوظيف الإجباري الصادرة عن مصالح مراقبة الأداءات. ومن بين الأسباب التي تفسر تعطل الفصل في عديد القضايا تأخر جلب الملفات الأصلية من المحاكم الابتدائية. وهو ما يؤدي إلى تأجيل البت في القضايا المنشورة أمام محاكم الاستئناف لمدة تفوق السنة. ومن بين القضايا التي تتأثر بهذا التأخير القضايا الاستئنافية المتعلقة بأحكام ابتدائية صادرة عن المحكمة الابتدائية بأريانة والمحكمة الابتدائية ببن عروس. حيث يفيد أحد المحامين أن زمن انتظار جلب الملفات يفوق السنة في عديد القضايا.
ولا تستثنى المحاكم الابتدائية من هذا التأخير ذلك أنها لم تتمكن من احترام الأجل الذي حدده القانون للفصل في القضايا الجبائية التي قدم المتقاضون في شأنها ما يفيد إيقاف تنفيذ قرارات التوظيف الاجباري موضوع الاعتراض والذي حدده القانون بستة أشهر. وبتقصي الأسباب في محاولة لتفسير هذه الظاهرة يفسر كتاب المحاكم والمحامون الضغط الذي يلاقيه القضاة في عملهم بارتفاع عدد القضايا وعدد الملفات الموكولة إليهم. ويظهر ذلك من خلال ما يمكن معاينته بالعين المجردة من تراكم للملفات أمام القضاة في معظم الجلسات العلنية بالمحاكم. وينعكس ذلك على سير الجلسات والتي أصبحت تمتد إلى وقت متأخر من النهار بالإضافة إلى طول المدة الفاصلة بين الجلسات المتعلقة بالقضية نفسها. كما لا يستبعد العديد من الخبراء تأثير هذا الضغط على جودة التعامل مع القضايا.
ويضيف فوزي الجبالي متصرف مستشار بكتابة المحكمة الابتدائية بتونس والكاتب العام للنقابة العامة للعدلية باتحاد عمال تونس أن عدد الموظفين بالمحكمة الابتدائية بتونس في انخفاض متواصل. ويضيف الجبالي أن عدد الكتبة والموظفين بمحكمة تونس انخفض من 340 موظف وكاتب إلى 240 في الوقت الحالي. يضاف إلى ذلك تقدم السن والوضع الصحي لعدد كبير من الكتبة والموظفين الذين لم يعودوا قادرين على الحفاظ على مردودية عالية.
ومن بين العوامل التي تفسر هذا البطء الاضطرابات التي عرفتها المحاكم نتيجة الإضرابات والوقفات الاحتجاجية داخل المحاكم التي أثرت على سيرها مما أدى إلى تراكم الملفات. ذلك أن نسق تزايد القضايا يفوق نسق الفصل فيها.
وبالاطلاع على الموقع الإلكتروني لوزارة العدل يتبين أنها تأخذ في عين الاعتبار مسألة اجال التقاضي استنادا إلى نتائج الاستشارة الوطنية. فهي تنص على أن تحسين النفاذ إلى العدالة يتطلب ” تقليص عدة مسافات بين المواطنين ومنظومة العدالة تتمثل في مسافات جغرافية ومسافات زمنية مرتبطة بالآجال الطويلة ومسافات اجتماعية ناتجة عن الضغوطات الاقتصادية أو العراقيل الثقافية.”
ومن بين الاضرار التي تحصل للمتقاضين في المادة الجبائية نتيجة طول اجال الفصل في القضايا ما تؤول إليه الأمور من استحواذ قباض المالية على الضمانات البنكية المقدمة لإيقاف تنفيذ قرارات التوظيف الاجباري المعترض عليها التي يمكّنها القانون من استخلاصها بمضي سنة تحتسب بداية من تاريخ تبليغ قرار التمكين للتوظيف الاجباري.
وفي ظل عدم تحسن الإمكانيات الموضوعة على ذمة مرفق القضاء تصبح إجراءات إيقاف التنفيذ دون جدوى. وهو يفرغها من فحواها كأحد الضمانات التي تفتخر بها وزارة المالية. ولغاية المحافظة على فاعلية هذه الضمانة وتماشيا مع وضعية القضاء يتعين على المشرّع مراجعة الآجال المتعلقة بإيقاف التنفيذ بما يتناسب مع اجال الفصل في القضايا المعروضة على الدوائر المختصة في القضايا الجبائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى