الرأي

المعهد العالي للدّراسات التطبيقيّة في الإنسانيات بتوزر_جامعة قفصة: قراءة في مشاريع تخرج طلبة شعبة التّربية والتّعليم

*بقلم: الدكتور علي موسى أستاذ مساعد للتّعليم العالي بالمعهد العالي للدّراسات التطبيقيّة في الإنسانيات بتوزر\ جامعة قفصة


لقد التحقت للتّدريس بشعبة التّربية والتّعليم منذ أن تم إحداثها خلال السنة الجامعيّة 2016-2017 وأشرفت على 36 مشروعا لتخرج الطلبة منذ أول فوج إلى تخرج هذه الدّفعة الخامسة السنة الجامعيّة 2022-2023.
أقدم قراءة في مشاريع الطلبة التّي أشرفت عليها هذه السنة وبالمناسبة كل الشكر لأعضاء لجنة المناقشة التّي قدمت عديد الملاحظات لتحسين مشاريع الطلبة والتّي كانت متميّزة وتمثلت أهمّيتها فيما يلي :
أولا: لقد كانت المواضيع رَاهنة ومن الواقع المدرسي وبحثت فيما يُقلق المتعلِّم ويُثقل كاهن المعلِّم وقد يعود التّميز في هذه المواضيع إلى تطبيق التمشّيات المنهجيّة للبحث التّي تلقاها الطلبة من مؤطّرهم .
ثانيا : لقد كانت المواضيع تكمل بعضها البعض وعليه بحث كل من الطالبتين :
منار الجريدي وسارة العشي في موضوع: المؤسّسة التّعليميّة وأطفال التوحّد.
ومن بين أهداف بحثهما لفت نظر الفاعلين في العمليّة التّعليميّة إلى أهميّة إعطاء قيمة لأطفال ذوي طيف التّوحد وضَرورة الإحاطة بهم لأنّهم يعرفون العديد من الصّعوبات في المدارس العموميّة والدمج في الأقسام العادية باعتبارها حاضنة أساسيّة لهذا الطفل وبحثا في إشكاليّة تبيّن مَدى أهميّة دور المدرسة في دمج أطفال ذوي اضطراب طيف التوحد وذلك من خلال طرح الأسئلة التّالية:
– ماهو واقع أطفال ذوي طيف التّوحد داخل المؤسّسة التّعليميّة التّونسيّة ؟
– ما مدى توجّهات سياسة الدمج داخل المؤسّسة التّعليميّة التّونسيّة؟
وقد بيّنت نتائج البحث الميداني أن ظاهرة اضطراب طيف التوحّد أصبحت مرتفعة وعليه تعدّدت البحوث والدّراسات بخصوص هذا الاضطراب والبحث في كيفيّة عمليّات الدّمج لهذه الفئة في مختلف بلدان العالم وقد أقرّت أغلب الدّراسات أنّ طيف التوحّد هو من أكثر الاضطرابات النّمائية انتشارا بين الأطفال اليوم حيث أن ّ خصائصه والصعوبات التّواصليّة معهم تمثل مشكلا حقيقيا أمام تعليمهم.
وبيّنت النّتائج أن نسبة مُهمّة من عينة البحث بلغت 66٪ أقرّت أنّ المؤسّسة التّعليميّة لا تهتّم ببرنامج الدّمج رغم أنّه يساعد الطفل ذوي اضطراب طيف التّوحد على التقليل من عزلته و دمجه داخل المؤسّسة التّعليميّة ويزيد من اكسابه مهارات جديدة ويعزّز من تفاعله الاجتماعي ويحقق له تحصيلا دراسيّا جيّدا ويُعزز ثقته بنفسه ويُسهم في تطوير قدراته .
فالأطفال ذوي طيف التوحد يعانون من صعوبات في التواصل والتفاعل الاجتماعي وهذا يؤثر في قدرتهم التّعليميّة والتفاعل مع بيئتهم المدرسيّة بدرجة أولى والمجتمع بشكل عام.
فكيف يمكن تذليل الصعوبات المعيقة أمام سياسة الدّمج وتقديم المرافقة لهذه الفئة من الأطفال ؟
و ورد في التّوصيات أنّه ثمّة أهميّة للتكوين المستمر للمعلِّمين لإكسابهم مهارات تمكنهم من فهم وضعيّات الطفل ذوي اضطراب طيف التوحد و التعامل معه وضَرورة تكثيف البرامج التّوعويّة بالمؤسّسات التّعليميّة لتهيئة كل الفاعلين في العمليّة التّعليميّة لقبول التلاميذ ذوي اضطراب طيف التوحّد .
مفيدة زعبوطي وسوار نصراوي في موضوع: المرافقة المختصة وذوي الاحتياجات الخاصة.
تم طرح سؤال الانطلاق التالي:
إلى أي مدى تُسهم المرافقة المختصة في الدّمج المدرسي لذوي الاحتياجات الخاصة داخل الحقل المدرسي؟
و البحث في الإشكاليّة التّالية : ماهي فاعلية المرافقة المختصة لتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة وهل تُساعدهم على تحسين تملّكهم الدّراسي؟ – ما الذي يجعلنا نق
ومن خلال نتائج البحث الميداني تبيّن أن المرافقة المختصّة تُتعزز شخصيّة التلاميذ وتُساعدهم على تحصيلهم الدّراسي وهو ما أكدت عليه نسبة مرتفعة من المعلّمين بلغت 94٪ بل تساعد كذلك المعلِّم في انجاز دروسه وهو يُدعم ما أكدت عليه نسبة مُهمّة من المدرسين بلغت 67٪ أنها تُواجههم عوائق عند وجود ذوي الاحتياجات الخاصّة داخل القسم وعليه وردت توصيات البحث مُؤكّدة على ضَرورة تعميم نظام المُرافقة المختصّة في مختلف المدارس وأهميّة تجهيز فضاءات ملائمة لذوي الاحتياجات الخاصة بشكل يُساعدهم على اكتساب المعلومات مثل التلاميذ العاديين وضَرورة وجود ورشات تكوينيّة تحت إشراف وزارة التربية تجمع كل من المعلِّم ومربي مختص أو مرافقين مختصين وأخصائيين نفسيين من أجل التّعاون والتشارك في بناء المشروع التربوي الافرادي الذي ينهض بالطفل ويمكنه من تنمية مهاراته ويُسهل إدماجه داخل المجتمع المصغر المؤسّسة التّعليميّة .
نتبيّن كيف أن النتائج التّي توصل إليها البحثان تتكامل بخصوص أهميّة وضَرورة دمج أطفال ذوي اضطرابات طيف التوحد وتأكيد المرافقة المختصة لذوي الاحتياجات الخاصّة من أجل ضمان حق هؤلاء المتعلّمين في التّعليم ومُساعدة المعلّم في انجاز سير الدّرس.
نارمان المبصوط ورؤى عوامري في موضوع: الطفل والتربية قبل المدرسية.
تعتبر السنوات الخمسة الأولى من حياة الطفل من أهم المراحل التي يمر بها و أكثرها تأثيرا في مستقبله الدّراسي فهي المرحلة التي تُبنى فيها معالم شخصيّته في مُختلف أبعادها الجسميّة والعقليّة واللغويّة والاجتماعيّة.
لقد طرح الباحثتان سؤال الانطلاق التالي : إلى أي مدى تؤثر التربية قبل المدرسية في التحصيل الدراسي للطفل؟
واهتما بدراسة الإشكاليّة التّالية :
– إلى أي مدى يُسهم التدخل التربوي في مرحلة التربية قبل المدرسيّة في تهيئة الطفل للحياة المدرسيّة ؟
– كيف تُسهم رياض الأطفال في إعداد الطفل للحياة المدرسيّة والاجتماعيّة؟
لقد هدف هذا البحث إلى التّعرف على أهميّة مرحلة التربية قبل المدرسيّة في تحقيق التحصيل الدّراسي والتفاعل الاجتماعي وتسليط الضوء على أهميّة دور رياض الأطفال في تكوين شخصية الطفل وتنمية قدراته العقليّة والنفسيّة في مُساعدته على التعرف على ذاته في علاقته بالمحيط الاجتماعي.
وبينت نتائج البحث الميداني أن نسبة مرتفعة من المعلِّمين بلغت 86٪ يقرون أن المرحلة التحضيريّة مُهمة في التّحصيل الدّراسي للمتعلّم ويدعم هذا نسبة مرتفعة من المعلِّمين بلغت 98٪ يقرون بأهميّة تأثير المكتسبات القبليّة في مُساعدة المتعلِّم على تَملك القراءة وأكد أكثر من 90٪ من المعلِّمين أن مؤسّسات التربية قبل المدرسية لها أهميّة كبرى في تحقيق التحصيل الدراسي .
فالأطفال الذين التحقوا بمؤسّسات التربية قبل المدرسية من وجهة نظر المعلِّمين تتحقق لهم تنمية في مَعارفهم وقُدراتهم ويكتسبون الرّغبة لاستقبال المعلومات الجديدة والقُدرة على القراءة والكتابة وتملك مهارات تواصليّة فهي ليست مسار يمر به الطفل إنّما هي محطّة أساسيّة تُساعده في مراحله التّعليميّة المستقبليّة وبناءً عليه قدّمت الباحثتان التوصيات التّالية:
– ضرورة توفير الفضاء المناسب لممارسة مختلف الأنشطة الخاصة بمؤسّسات التربية قبل المدرسية وفقا لما يتناسب والخصائص الحسيّة والحركيّة والمعرفيّة والوجدانيّة لطفل المرحلة قبل المدرسية.
– أهميّة تأهيل وتكوين المربّي المختص والمتكون في التربية قبل المدرسية .
جيهان منصوري و سحر جبار في موضوع: التربية قبل المدرسية واقعها و تحدياتها.
بحثت الطالبتان في الإشكالية التالية : ما هو واقع التّربية قبل المدرسيّة وماهي تحدّياتها؟
لقد توصلت الباحثتان إلى أن نسبة مرتفعة من المربين بلغت 96٪ يؤكدون أهميّة مُساهمة قسم التحضيري في بناء المهارات الحياتية عند الطفل وبلغت نسبة مهمة من المربين بلغت94٪ يؤكدون أن السنة التحضيريّة تُسهم في بناء الثّقة بالنفس لدى الطفل، وتم التوصل أن القسم التّحضيري من أهدافه أن يتعلَّم الطفل عدة مهارات متنوعة و مُهمّة يستطيع من خلالها بناء شخصيته و يُصبح مستقلا بذاته قادرا علي التّصرف والاندماج في الحياة الجماعية .
وقدمت الباحثتان توصيات لاتختلف عن السابقة مع تأكيد أهميّة العمل على تعميم التّربية قبل المدرسيّة وجعلها اجباريّة على كل متعلّم قبل دخوله للسنة الأولى من التّعليم الأساسي وتَعميمها علي كافة المدارس التونسيّة الحضريّة منها والرّيفيّة .
رجاء عابدي وشيماء حمداني في موضوع: الفضاء الهندسي المدرسي وتأثيره في سلوك المتعِّلم.
أكد أحد الباحثين أنّ سُلوك الإنسان يتأثر بالمكان بالزّمان الذي يحتويه وبالثّقافة الاجتماعيّة التّي يعيش فيها وهو ما جعل الباحثتان تطرحان سؤال الانطلاق التّالي: ما هو واقع الفضاء الهندسي المدرسي وماهو دوره في تشكيل سلوكيّات التّلاميذ؟ وتبحثان في الإشكاليّة التّالية: إلى أي مدى يمكن أن يؤثر الفضاء الهنّدسي للمؤسّسة التّعليميّة في سلوكيّات المتعلِّمين؟
ومن دواعي هذا البحث تردي البنية التّحتيّة لجلّ المدارس وتعارضها مع المعايير الهندسيّة .
وقد تكمن أهميّة هذا البحث في:
لفت الانتباه إلى مدى أهميّة معايّير تصميم الفضاء المدرسي ودَوره في التأثير في مناخ العمل بصفة عامّة وعلى جَودة العمليّة التّعليميّة بصفة خاصّة.
التأكيد على مدى تأثير الفضاء الهندسي المدرسي بمختلف مكوناته الماديّة في الصّحة الجسديّة والنفسيّة للمتعلّم.
ومن خلال الإحصائيّات تبيّن أن 52٪ من المعلّمين يعتبرون أنّ مبنى المدرسة لا يناسب وظيفته كمؤسّسة تعليميّة تربوية، و66٪ من مجموع أفراد العيّنة ترى أنّ الواجهة الخارجيّة للمدّرسة ليست جذابة
نستنّتج أن ّأغلب المدارس الابتدائيّة لا تهتم بالجانب الجماليّ للواجهة الخارجيّة للمدّرسة ولا بالمساحات الخضراء وهو ما يؤثر سلبا في نفسيّة وسُلوك المتعلِّم .
وأكدت نسبة مرتفعة من المعلِّمين بلغت 70٪ من إجمالي أفراد العيّنة على وجود سلوكات غير سويّة صادرة من المتعلّم وقد يرجع ذلك إلى عدم تلبية الفضاء المدرسي مختلف حاجيّات المتعلِّم مِمَّا جعل التوصيات تؤكد على أهميّة:
– بناء فضاء مدرسي يتماشى مع حاجيّات المتعلّمين عامة ومع ذوي الاحتيّاجات الخاصة خاصّة ومراعاة الحاجات النفسيّة عند تصميم الشكل الهندسي للمدرسة.
– توفير قاعات داخل الفضاء الهنّدسي المدرسي لمزاولة النشاط الثقافي والترفيهي للمتعلّم.
– الاهتمام بالجانب الجمالي للمدّرسة لجذب انتباه المتعلّمين.
رشا عمامو و نادية بنسالم في موضوع: المؤسّسة التعليميّة والتربية على الصحّة.
يفرض الواقع علينا اليوم البحث في موضوع التربية على الصحّة الجنسيّة لكثرة العنف والاعتداء الجنسي تُجاه الأطفال وبالرّغم أنّه من المواضيع المحضورة اجتماعيّا(tabou) و بينت إحصاءات وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ تلقي 10 آلاف إشعار بحالات الاغتصاب على الأطفال في تونس في سنة 2016 ، مِمّا جعل الباحثتان تطرحان سؤال الانطلاق التّالي: ما هي أهميّة تدريس مادّة التربية على الصحّة الجنسيّة للطفل بالمؤسسة التّعليميّة التونسيّة؟
وللبحث في هذا السؤال تم طرح الإشكالية التّاليّة : ما هي العوائق التي حالت دُون إدراج برنامج التربية الجنسية في المدرسة التونسية؟ وقد كان من بين الدّوافع وراء هذه الإشكاليّة هو تفشيّ الاعتداءات الجنسية في صفوف الأطفال
وقد سجّلت النّشرية الإحصائيّة لنشاط مندوبي حماية الطفولة «1184 إشعارا لاستغلال الأطفال جنسيا سنة 2018 » كذلك الرّغبة في معرفة الأسباب التي حالت دُون إدراج المؤسّسة التعليميّة التونسيّة لموضوع التربية على الصّحة الجنسيّة في البرامج الرّسميّة رغم أهميّة الموضوع وعمقه اجتماعيّا وأهميّة لفن نظر المعلِّم بضرورة تربيّة الطفل على الصحّة الجنسيّة إمّا بإدراجها كمادّة في البرامج الرّسميّة أو دمجها كنشاط مع بقيّة التعلّمات.
وبينت نتائج البجث الميداني أن نسبة مُرتفعة من المعلِّمين بلغت 74٪ يؤكدون على أهميّة التربية على الصحّة الجنسيّة خاصّة بعد تضخّم نسبة الاعتداءات الجنسيّة على الأطفال وتُؤكد نسبة مُهمّة من المعلِّمين بلغت 76٪ أنّ التربية على الصّحة الجنسيّة تُمكّن الطفل من الحفاظ على جسده لكن للأسف نسبة كبيرة منهم بلغت 44٪ أبدوا عدم استعدادهم لتدريسها ورَفضهم لمقترح إدراجها في المؤسّسات التّعليميّة، ومن أهم الأسباب عبّرت نسبة بلغت 54٪ يرون المجتمع يُمثّل عائقا أمام إدراج التربية على الصحّة الجنسيّة في المؤسّسة التعليميّة وتعبّر نسبة هامّة من المعلِّمين بلغت 50٪ يرون أن السبب في عدم إدراجها هو الخجل من الموضوع أي أنّ المعلِّم يصعب عليه طرحه والتّحدث فيه مع تلاميذه خاصّة عندما يكون ثمّة فارق في السّن بينهم.
وتقترح الباحثتان التوصيات التّالية:
القيام بحملات توعويّة بخصوص التربية على الصحّة الجنسيّة للطفل للتأكيد على مدى أهمّيتها في تكوين ملامح شخصيّة الطفل ومدى ضروريتها في حمايته من الاعتداءات الجنسيّة.
انتداب أخصائيين نفسيين في المدارس لتقديم نصائح توعية بخصوص التربية على الصحة الجنسيّة للأطفال.
أما الطّالبان محمد بوقرة  و وجيه الدبيسي فقد بحثا في موضوع: المدرسة التونسيّة وتحديات المناظرة الوطنية للدخول للمدارس الإعدادية النموذجية.
طرحا الإشكالية التّالية: ما هي أسباب تدني نتائج تلاميذ المدرسة التونسيّة في المناظرة الوطنيّة للدخول للمدارس الإعدادية النموذجيّة؟
بيّنت نسبة مهمّة من المعلِّمين بلغت 97٪ يؤكدون على وجود بعض العناصر بالدروس تمثل حشوا ولها تأثير سلبي في ضغط الوقت من أجل استكمال البرنامج وضُعف المتعلِّم في التّحصيل الدّراسي مِمّا يؤثر سلبا في نتائجه.
وترى نسبة مرتفعة من المعلِّمين بلغت 77٪ أنّه من أسباب تدهور نتائج التلاميذ في المناظرة الوطنيّة يعود إلى عدم تعود المتعلِّمين على مثل نوع الاختبارات التي تطرح في المناظرة الوطنيّة وإلى طول البرامج الرّسميّة وثقلها والسبب الأهم هو فوبيا الامتحانات التّي يعيشها التلميذ بالمدرسة التّونسيّة وهذا ما يجعل نتائج هذا البحث تتكامل مع نتائج البحث الذّي تناوله تقي الدين طرشي ومحمد عبيدي وموضوعه: المدرسة التونسية و فوبيا الامتحانات.
وطرح الطالبان سؤال الانطلاق التّالي : ما هي آثار فوبيا الامتحانات في المتعلّمين خلال العمليّة التعليميّة؟
وتم تناول الإشكالية التالية: كيف تنشأ فوبيا الامتحانات لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية؟ وإلى أي مدى تؤثر في تحصيلهم الدراسي؟
ومن دواعي الاهتمام بهذا الموضوع انتشار هذه الظاهرة بين صفوف متعلِّمي المرحلة الابتدائية وما يرافقها من تأثيرات سلبية في صحتهم النفسية ومردودهم الدّراسي وارتفاع نسبة الشعور بالخوف عند التلاميذ أثناء الامتحان
وبينت نتائج البحث الميداني أن نسبة هامّة من المتعلِّمين بلغت 62٪ يشعرون بالرّهبة أثناء الامتحان و يفسر ذلك بعدم الارتياح للتقييم وهو شعور نفسي مردّه عوامل عديدة أبرزها ما يُرسّخه المحيط المدرسي والعائلي من تصورات خاطئة وسلبيّة تتعلّق بالامتحانات والضّغط على الطفل ومقارنته ببقيّة أقرانه المتميّزين وهناك نسبة مُعتبرة من التلاميذ قدّرت ب 72٪ يتعرضون لضّغوطات أثناء فترة الامتحانات ومن خلال نتائج البحث الميداني تبيّن أنّ فوبيا الامتحانات لها تأثيرا كبيرا في الحالة النّفسيّة للتلميذ بالمدرسة التونسّية قبل وأثناء اجتياز الامتحان ويظهر ذلك في شكل أعراض نفسيّة وجسميّة وسلوكيّات تعيقه عن المهام الضّروريّة للأداء الجيّد في الامتحان.
وقد كشفت النتائج أيضا أنّ أهم أسباب تُعرّض الطفل لهذه الضغوطات ترجع بالأساس إلى المحيط العائلي وهذا ما يُؤكّد الدور الهام الذي تلعبه الأسرة على مستوى التوازن النفسي للطفل ويليها الخوف من الفشل والرّسوب الذي يصل بالتلميذ إلى عدم القُدرة على الاستيعاب والفهم والتعامل بأريحيّة مع المعرفة .
وأكدت نسبة هامة من التلاميذ قدّرت ب 52٪ يعرفون بصفة دائما خوفهم من الامتحانات ويؤثر ذلك في نتائجهم ويمكن أن يفسّر بتأزم حالتهم النّفسية و تعكر مزاجهم الذي ينتابهم ساعة الامتحان مِمّا يربك تركيزهم وانتباههم، وعليه فإنّ هذا التأثير السّلبي الذي ينتجه الخوف يعدّ عائقا أمام التّحصيل الدراسي الجيّد للمتعلّم، وعليه لقد أصبحت فوبيا الامتحان مرضا نفسانيّا ولا يحدث بصفة فجئية، بل له عدة أسباب وله تداعيات على التلميذ فيصبح غير قادر على إنجاز الامتحان وبيّنت النّتائج أن %76 من التلاميذ دائما ما يخافون من نتائج الامتحانات وعبّرت نسبة عالية من التلاميذ بلغت 74% يتمنون أن تكون المدرسة بدون امتحانات، ويعكس هذا خوف التلاميذ من حالات التقييم والرّغبة في تجنبها وما يترتّب عليها من رسوب وفشل وانقطاع مبكّر ونفور من المدرسة نتيجة فقدان الأمن وتكرار الخيبات و نستطيع القول أن فوبيا الامتحانات لها علاقة مباشرة وتأثير كبير في نفسيّة التلميذ وعلى تحصيله الدّراسي خاصّة في المرحلة الابتدائية أين تبدأ أولى مراحل نموّه و تلقيه المعارف ولقد وردت التوصيات مؤكّدة على :
• ضرورة توفير الجو الملائم للتلاميذ في فترة الامتحانات وتجنب الأساليب الضّاغطة.
• أهميّة أن تراعي العائلة الجانب النفسي للتلميذ وذلك بعدم إيذائه وتهديده والضغط عليه في فترة الامتحانات والعمل على تحفيزه وتشجيعه والتقليص من خوفه وتوتّره.
• من الأفضل خلق مناخ مدرسي حريص على التّخفيف من ضغوطات فترة الامتحانات وتوفير الراحة والطمأنينة وتحقيق حاجة الطفل إلى الأمن.
• ضرورة مراجعة مكانة الامتحانات في النظام التعليمي التونسي والعمل على إعادة هيكلة طرق انجازها وضبط معاييرها والنظر في وضع حد لتبعاتها الخطيرة على نفسية التلاميذ والعائلات بل لا بد أن تتحول الامتحانات من فوفبيا بالمدرسة التّونسيّة إلى حاجة يطلبها المتعلِّم ويثمّنها الولي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى