الرأي

المشاركة في الإنتخابات أثمر من مقاطعتها. لماذا؟ الدكتور عميرة علية الصغير مؤرخ في التاريخ المعاصر

الدكتور عميرة علية الصغير مؤرخ في التاريخ المعاصر

ليس غائبا عنّا اعوجاج المسار من أصله وقد كنّا ولازلنا من منتقديه ،فقط ما نختلف به على أصدقائنا هو اننا لا نقيّم الأمور فقط من زاوية قانونية او دستورية ، نقيمها كذلك من زاوية تاريخية أي من زاوية اكراهات الواقع اذ ما يعتبر عند حدوثه “غير شرعي” او “انقلابا” ،مثلا ،يمكن ان يصير شرعيا ومقبولا في القادم من الزمن لأنّ الواقع الموضوعي و الذاتي للبلاد لم يمنح الا ذاك البديل في ذاك الوقت. “انقلاب” قيس سعيد يوم 25 جويلية 2021 اعتبرناه عملا ايجابيا وباركناه كغالبية التونسيين ،رغم انه لا يتطابق مع الدستور القائم آنذاك، لكن اختلفنا مع الرئيس في مسار صياغة الدستور وفي فحوى الدستور ذاته الذي اخرجه والذي يمكن ان يرسي حكما فرديا مطلقا وكذلك نختلف معه في القانون الإنتخابي الذي صاغه لوحده ولهنّاته الكثيرة.
ما الحل اذا؟
اتفهم موقف المعارضين لكل ما جد منذ 25 جويلية 2021 من منتفعي المنظومة السابقة من خوانجية ومشتقاتهم ومن مسترزقة السياسة و”تدبير الراس” فهم متضررون فعلا و”خطفت الخبزة من افواههم” بحل البرلمان وحل الحكومة والمجلس الأعلى للقضاء ومتخوفون فعلا من ان يُطبّق عليهم قانون المحاسبة لجرائمهم وفسادهم وسرقاتهم وارهابهم. واتفهّم كذلك من هم في الصف الوطني ولم تتلوث ايديهم في كل المصائب التي سقطت على هذا البلد منذ 2011 وفي اولهم الدستوريين. لكن والسؤال موجه لمن هم في الصف الوطني ، ماهو بديلكم؟ هل تبغُون العودة لدستور 2014؟ هل تنوون اعادة جمع برلمان الارهاب والترافيك والتهريب؟ هل واقع البلاد الاقتصادي والاجتماعي والنفسي قادر على تحمل منطق “فسّخ وعاود” ونعمل كأن لا “دستور” جديد تمّ (على هناته وضعف من افتوا به) ولا “قانون انتخابي” صِيغ؟ او نترقب قوة غاشمة تقلب الأمور وتنفي الرئيس وكل ما صدر عنه؟
من هنا نرى أن الموقف الأسلم والواقعي والذي يمكن أن يحمي البلاد من فوضى وخراب زائدين هو المشاركة في الانتخابات القادمة وبجدية ولا اعتقد ان مرشحين افرادا او منظمين في احزاب ولهم من الاشعاع والوطنية سوف لن ينتخبوا للمجلس القادم وتكون لهم فرصة التغيير ، تغيير الدستور و بقية التشريعات ووضع البلاد من جديد على طريق الأمل.
طبعا موقفي هذا يلزمني كشخص ودون عداوة او تبخيس لمن يختلف معي فيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى